هل تتساءل، هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتعلم بمفرده بدون أي بيانات?” للحصول على إجابة مفصلة ومعقولة، دعنا نستكشف هذا الموضوع بعمق مع INVIAI.

أولاً، من المهم أن نفهم أن البيانات هي العنصر الأساسي في جميع نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة للتعلم الآلي. لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن “يبني” المعرفة بنفسه بدون بيانات إدخال.

على سبيل المثال، في التعلم الموجه، يتعلم الذكاء الاصطناعي من مجموعات بيانات ضخمة قام البشر بتصنيفها (صور، نصوص، صوت، إلخ) للتعرف على الأنماط.

حتى في التعلم غير الموجه، لا يزال الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى بيانات خام غير مصنفة لاكتشاف الهياكل أو الأنماط المخفية داخل تلك البيانات بنفسه.

لذلك، بغض النظر عن الطريقة، يجب أن يُـ"يُغذى" الذكاء الاصطناعي بالبيانات—سواء كانت بيانات مصنفة، بيانات مصنفة ذاتياً (ذاتية الإشراف)، أو بيانات من بيئات العالم الحقيقي. بدون أي بيانات إدخال، لا يمكن للنظام أن يتعلم شيئًا جديدًا.

طرق التعلم الشائعة في الذكاء الاصطناعي

اليوم، تتعلم نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل رئيسي من خلال الطرق التالية:

  • التعلم الموجه:

يتعلم الذكاء الاصطناعي من مجموعات بيانات كبيرة ومصنفة. على سبيل المثال، للتعرف على القطط في الصور، يحتاج إلى آلاف الصور المصنفة بـ“قطة” أو “ليست قطة” للتدريب. هذه الطريقة فعالة للغاية لكنها تتطلب جهدًا كبيرًا في التصنيف.

  • التعلم غير الموجه:

يُعطى الذكاء الاصطناعي بيانات خام غير مصنفة ويبحث عن أنماط أو مجموعات داخلها. على سبيل المثال، تقوم خوارزميات التجميع بتجميع مجموعات البيانات ذات الخصائص المتشابهة. تتيح هذه الطريقة للذكاء الاصطناعي “التعلم الذاتي” من البيانات واكتشاف الأنماط بدون توجيه بشري.

  • التعلم الذاتي الإشراف:

هو نوع يُستخدم في الشبكات العصبية الكبيرة ونماذج اللغة الكبيرة، حيث يقوم النموذج بإنشاء تسميات للبيانات بنفسه (مثل توقع الكلمة التالية في جملة أو إعادة بناء أجزاء مفقودة) ثم يتعلم منها. تتيح هذه الطريقة للذكاء الاصطناعي استخدام مجموعات بيانات ضخمة من النصوص أو الصور بدون تصنيف بشري.

  • التعلم المعزز (RL):

بدلاً من البيانات الثابتة، يتفاعل الذكاء الاصطناعي (المسمى بالوكيل) مع البيئة ويتعلم بناءً على إشارات المكافأة. تعرف ويكيبيديا التعلم المعزز بأنه: “تعليم وكيل برمجي كيفية التصرف في بيئة من خلال إعلامه بنتائج أفعاله.”

بمعنى آخر، يتخذ الذكاء الاصطناعي إجراءات، يراقب النتائج (مثل المكافأة أو العقوبة)، ويعدل استراتيجياته لتحسين الأداء.

على سبيل المثال، بدلاً من أن يعلم الإنسان لعبة الشطرنج، يلعب AlphaZero من DeepMind ملايين الألعاب ضد نفسه، مكتشفًا استراتيجيات جديدة من خلال إشارات الفوز دون الاعتماد على مجموعات بيانات خبراء مُقدمة مسبقًا.

  • التعلم الفيدرالي:

بالنسبة للبيانات الحساسة، مثل الصور الطبية الشخصية، يسمح التعلم الفيدرالي لأجهزة متعددة (أو مؤسسات) بالتدريب التعاوني على نموذج مشترك دون مشاركة البيانات الخام.

توضح جوجل أنه في التعلم الفيدرالي، يُرسل النموذج العالمي إلى كل جهاز للتدريب على البيانات المحلية، ولا تُرسل سوى تحديثات النموذج—لا تغادر البيانات الخام الجهاز.

بهذه الطريقة، يمكن للنموذج التعلم من بيانات موزعة عبر مواقع متعددة دون تجميعها مركزيًا. ومع ذلك، لا يزال الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى بيانات محلية على كل جهاز للتعلم.

  • التعلم بدون أمثلة سابقة (Zero-Shot Learning):

هي قدرة الذكاء الاصطناعي على استنتاج مفاهيم جديدة بدون أمثلة محددة. تعرف IBM التعلم بدون أمثلة سابقة بأنه حالات حيث “يتم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي على التعرف أو تصنيف أشياء/مفاهيم لم يرَ أمثلة لها من قبل.”

يعتمد التعلم بدون أمثلة سابقة على المعرفة الواسعة المكتسبة مسبقًا. على سبيل المثال، العديد من نماذج اللغة الكبيرة مثل GPT تم تدريبها مسبقًا على مجموعات نصوص ضخمة. وبفضل هذه المعرفة السابقة، يمكنها التفكير في مفاهيم جديدة حتى بدون أمثلة صريحة.

على الرغم من أنه قد يبدو أن الذكاء الاصطناعي يمكنه “التعلم بدون بيانات”، إلا أن نماذج اللغة الكبيرة لا تزال تعتمد على مجموعات بيانات أولية ضخمة لبناء القدرات اللغوية الأساسية.

باختصار، كل هذه الطرق تُظهر أنه لا توجد طريقة سحرية للذكاء الاصطناعي ليتعلم بدون بيانات—بأي شكل من الأشكال. قد يقلل الذكاء الاصطناعي من اعتماده على البيانات المصنفة من البشر أو يتعلم من الخبرة، لكنه لا يمكنه التعلم من العدم.

طرق التعلم الشائعة في الذكاء الاصطناعي

الاتجاهات المتقدمة: التعلم من “الخبرة” بدلاً من البيانات الثابتة

يستكشف الباحثون الآن طرقًا لجعل الذكاء الاصطناعي يعتمد أقل على البيانات المقدمة من البشر. على سبيل المثال، اقترحت DeepMind مؤخرًا نموذج “التدفقات” في عصر “الذكاء الاصطناعي المعتمد على الخبرة”، حيث يتعلم الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي من تفاعلاته مع العالم بدلاً من المشكلات والأسئلة المصممة من البشر.

نقلت VentureBeat عن أبحاث DeepMind: “يمكننا تحقيق ذلك من خلال السماح للوكلاء بالتعلم المستمر من تجاربهم الخاصة—أي البيانات التي يولدها الوكيل نفسه أثناء تفاعله مع البيئة… ستصبح الخبرة الوسيلة الأساسية للتحسين، متجاوزة حجم البيانات المقدمة من البشر اليوم.”

بمعنى آخر، في المستقبل، سيولد الذكاء الاصطناعي بياناته الخاصة من خلال التجربة والملاحظة وتعديل الأفعال—مماثلًا لكيفية تعلم البشر من الخبرة الواقعية.

مثال ملموس هو نموذج المفكر الصفري المطلق (AZR). يتم تدريب AZR بالكامل من خلال اللعب الذاتي، ولا يحتاج إلى مدخلات بشرية. يقوم بإنشاء مشاكله الخاصة (مثل مقاطع الشيفرة أو مسائل الرياضيات)، يحلها، ويستخدم النتائج (من خلال تنفيذ الشيفرة أو ردود فعل البيئة) كإشارات مكافأة للتعلم.

والجدير بالذكر، أنه رغم عدم استخدام بيانات تدريب خارجية، يحقق AZR أداءً متفوقًا في مهام الرياضيات والبرمجة، متفوقًا على نماذج تم تدريبها على عشرات الآلاف من الأمثلة المصنفة. هذا يثبت أن الذكاء الاصطناعي يمكنه توليد “مجموعة بيانات” خاصة به من خلال طرح وحل التحديات باستمرار.

بالإضافة إلى AZR، تستكشف العديد من الدراسات الأخرى الذكاء الاصطناعي الذي يتعلم بشكل مستقل. يمكن لأنظمة الوكلاء الذكية التفاعل مع البرمجيات والعوالم الافتراضية (أدوات، مواقع إلكترونية، ألعاب محاكاة) لجمع بيانات خبرة.

يمكن تصميم الذكاء الاصطناعي لوضع أهدافه ومكافآته الخاصة، مماثلًا لكيفية تطوير البشر للعادات. رغم أن هذه الأفكار لا تزال في مراحل البحث، إلا أنها تؤكد النقطة: لا يمكن لأي ذكاء اصطناعي أن يتعلم حقًا بدون بيانات—بل تأتي “البيانات” من تجارب الذكاء الاصطناعي نفسه.

>>> تعرف أكثر: 

هل أحتاج إلى معرفة البرمجة لاستخدام الذكاء الاصطناعي؟

هل يفكر الذكاء الاصطناعي مثل البشر؟

اتجاه متقدم - التعلم من “الخبرة” بدلاً من البيانات الثابتة


باختصار، لا يزال الذكاء الاصطناعي اليوم يحتاج إلى بيانات (بأي شكل من الأشكال) للتعلم. لا يوجد شيء اسمه “ذكاء اصطناعي بدون بيانات” حقًا.

بدلاً من ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقلل اعتماده على البيانات المقدمة من البشر باستخدام بيانات غير مصنفة (التعلم غير الموجه)، أو التعلم من ردود فعل البيئة (التعلم المعزز)، أو حتى إنشاء تحدياته الخاصة (مثل نموذج AZR).

يعتقد العديد من الخبراء أنه في المستقبل، سيزداد تعلم الذكاء الاصطناعي من الخبرة التي يجمعها بنفسه، مما يجعل الخبرة هي “البيانات” الرئيسية التي تساعده على التحسن.

لكن الحقيقة تبقى: لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتعلم من العدم؛ يمكن أن يكون مصدر “البيانات” أكثر تعقيدًا (مثل إشارات البيئة والمكافآت)، لكنه سيظل بحاجة إلى شكل من أشكال الإدخال لكي يتعلم الجهاز ويتطور.

المراجع الخارجية
تم إعداد هذا المقال بالرجوع إلى المصادر الخارجية التالية: